وأستمر تاريخ السمنة فى حقبةما قبل الميلاد مع الطبيبين الهنديين سوسراتا وكاراك (400-500 سنة قبل الميلاد) وهما اول من تعرف على رائحة البول السكرى وربطا هذا العرّض بزيادة تناول السكريات والدهون وبالتالى فقد استطاعا اظهار علاقة السمنة بالسكر.

حتى جاء الطبيب الاغريقى الشهير جالينيوس و هو كاتب وطبيب إغريقي شهير تخصص في علم التشريح، أثرت دراساته وكتاباته تأثيرا كبيرا في الطب الغربي لمدة 1300 عام، ولد في العام 130م وتوفي في العام 200م. ولد لأب وأم يونانيين في مدينة بيرغاموم القديمة والمسمية حاليا برغاما في تركيا ويعتبر جالينيوس المصدر الأساسى للمعلومات عن الأغذية والتنظيم الغذائى فى العالم القديم وكتابه الأغذية يعتبر من المعالم الرئيسية فى فوائد التغذية المتعددة ومضارها وتأثيرها على الصحة العامة.

ثم جاءت النهضة العلمية فى عصر الخلافة العباسية (750 الى 1258 ميلادية ) ومن بين المجالات العلمية التي لمعت فى ذلك العصر هو علمى الطب والصيدلة، ويرجع ذلك إلى الترجمة التي بلغت في العصر العباسي شأنًا كبيراً منذ تولى الخلافة أبى جعفر المنصور والذي كلف "جورجيس بن بختيشوع النسطورى" بتعريب كتب كثيرة في الطب عن الفارسية، وتوارثت أسرته بعد ذلك الترجمةوالتأليف والتدريس. ثم ازدهرت الترجمة فى عهد الخليفة المأمون ، وقد برز في مجال الترجمة والتأليف "أبو يعقوب يوحنا بن ماسويه" الطبيب المسيحي الدمشقى، الذي عهد إليه الرشيد بترجمة الكثير من كتب الأطباء والحكماء مثل: "أبقراط"، و"جالينوس"، وبدأ ابداع تأليف الكتب بنظرة مختلفة ولكنها اتبعت نهج واسلوب أبقراط وجالينيوس.

و ابن سينا – اشهر اطباء ذلك العهد- هو عالم وطبيب مسلم من بخارى اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما. ولد في قرية أفشنة بالقرب من بخارى(في أوزبكستان حاليا) من أب من مدينة بلخ(في أفغانستان حاليا) وأم قروية سنة 370هـ (980م) وتوفي في مدينة همدان (في إيران حاليا) سنة 427هـ (1037م). عرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء وأبو الطب الحديث. وقد ألّف 200 كتاب في مواضيع مختلفة، العديد منها يركّز على الفلسفة والطب , وقد تناول ابن سينا التغذية وآثارها على الجسم والأمراض المختلفة فى كتابه الأشهر القانون فى الطب وأيضا رسالة فى الأغذية و الأدوية وقد خرجت المقولة الشهيرة لابن سينا فى هذين الكتابين لتعلن للعالم أن معظم الأمراض تنشأ عن أخطاء مستمرة وممتدة فى التعامل مع الغذاء.

وأستمر ابداع الأطباء المسلمين فى عصر النهضة على يد بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي عالم وطبيب مسلم فارسي (ح. 250 هـ/864 م - 5 شعبان 311هـ/19 نوفمبر 923 م)، ولد في مدينة الري. وهو أحد أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق كما وصفته زجر هونكه في كتابها شمس الله تسطع على الغرب حيث ألف كتاب الحاوي في الطب كان يضم كل المعارف الطبية منذ أيام الإغريق حتى عام 925م وظل المرجع الطبي الرئيسي في أوروبا لمدة 400 عام بعد ذلك التاريخ , وقد أبدع الرازى فى دراسة الاغذية وتأثيرها على الحالة العامة للجسم وقد أخرج كتابين عظيمين فى التغذية هما طب الملوك ومنافع التغذية ودفع مضارها.

وفى المقال القادم سوف نستكمل تاريخ السمنة